كوت ديفوار: أكثر من 8 ملايين ناخب يصوتون لاختيار رئيس جديد وسط توتر سياسي متصاعد

توجَّه أكثر من ثمانية ملايين ناخب في كوت ديفوار، اليوم السبت، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين خمسة مرشحين، في انتخابات تشهد توتراً سياسياً حاداً ومخاوف من انزلاق البلاد نحو العنف، خصوصاً في ظل ترشّح الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا لولاية رئاسية رابعة مثيرة للجدل.
وشهدت عملية التصويت فتح أكثر من 25 ألف مكتب اقتراع في مختلف أنحاء البلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث نشرت السلطات نحو 44 ألف عنصر من قوات الدفاع والأمن لضمان سير العملية الانتخابية بأمان، في حين تتولى 64 منظمة وبعثة دولية مراقبة الانتخابات، من بينها بعثات الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيكواس”.
ويتنافس في هذا الاستحقاق خمسة مرشحين، من بينهم ثلاث رجال وسيدتان، يتصدرهم الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا، تليه السيدة الأولى السابقة إهيفيت سيمون غباغبو، مرشحة “حزب حركة الأجيال القادرة”. وكان القضاء قد صادق فقط على خمسة ملفات من أصل 60 مترشحاً، ما زاد من حدة التوتر السياسي بعد إقصاء شخصيات بارزة مثل الرئيس الأسبق لوران غباغبو ورئيس “الحزب الديمقراطي” تيجان ثيام.
وخلال الإدلاء بصوته في أبيدجان، وصف واتارا يوم التصويت بأنه “يوم تاريخي”، داعياً الإيفواريين إلى المشاركة الواسعة، قائلاً: “التصويت مهم لأنه يحدد مستقبل البلاد للسنوات الخمس المقبلة”. وأكد أن السلام يجب أن يبقى “أغلى ما يملكه الإيفواريون”، معرباً عن تفاؤله بأن تمر الانتخابات في أجواء هادئة.
من جانبه، دعا المرشح جان-لويس بيلون الشباب إلى الإقبال المكثف على التصويت، واصفاً الانتخابات بأنها “لحظة حاسمة في تاريخ الأمة” وفرصة لانتقال سياسي بين الأجيال.
لكن هذه الانتخابات تجري وسط مخاوف من تكرار سيناريو العنف الذي شهدته البلاد في انتخابات 2010 و2020. فقد فرضت السلطات حظر تجول ليلي في العاصمة السياسية ياموسوكرو تحسباً لأي اضطرابات، بعد مقتل أربعة أشخاص في احتجاجات للمعارضة خلال أكتوبر الجاري رفضاً لترشح واتارا لولاية جديدة، واعتقال أكثر من 700 شخص بينهم 30 صدرت بحقهم أحكام بالسجن.
وفي سياق أمني موازٍ، أعلنت النيابة العامة إحباط محاولة حرق منشأة غاز قرب جاكفيل غرب أبيدجان، مؤكدة أن العملية كانت ستؤدي إلى “عواقب كارثية” لو نُفذت، وربطتها بمحاولات التشويش على الانتخابات.
أما على الصعيد الدولي، فقد أرسل الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيكواس” بعثة مراقبة تضم نحو 200 مراقب دولي برئاسة الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان ونائبه السابق ييمي أوسينباجو. وقد اجتمع الوفد بالرئيس واتارا الذي أكد اتخاذ “كل الإجراءات لضمان انتخابات سلمية”، فيما دعا جوناثان المواطنين إلى التصويت “بمسؤولية ومن دون عنف”.
بدوره، اعتبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب إفريقيا والساحل، ليوناردو سانتوس سيماو، أن الانتخابات “أكثر من مجرد استحقاق ديمقراطي”، بل “فرصة لإثبات قدرة كوت ديفوار على تجاوز التوترات وبناء مستقبل مستقر ومزدهر”، داعياً جميع الأطراف إلى مواجهة العنف بالحوار والانقسام بالاحترام.
وتُعد كوت ديفوار من أهم دول غرب إفريقيا اقتصادياً بفضل موقعها الجغرافي ومينائها الحيوي في أبيدجان، فضلاً عن أحد أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة. غير أن استمرار التوتر السياسي، رغم الاستقرار النسبي الذي تحقق منذ عام 2011، يثير مخاوف من عودة البلاد إلى دوامة العنف التي عرفتها خلال العقدين الماضيين.






